ان ادم ع قد علم ولديه ان يتقربا في اعمالهما او نذورهما الى الله تعالى بتقديم صدقة معينة تسمى ( القربان ) وهي ماخوذة من القربة الى الله ، ويراد بها قبول الله لعمل معين .
وكان ( هابيل ) قد تقرب بكبش سمين ، فيما تقرب ( قابيل ) بحزمة من سنابل القمح ، اي ان هابيل قدم افضل ما عنده ، وقدم اخوه ادنى ما عنده ، ويبدو ان قربان كل منها يدل على نفسية وشخصية كل منهما ، وربما كان بامكان قابيل تقديم كبش سمين كما فعل اخوه ، لكنه بخل وقبض يده ناسيا انه يتعامل مع الله واهب ورازق كل شيء ...
{ اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر } المائدة / 27
ولايخفى ، ان علاقة التقوى - وهي طلب رضا الله - بالقربان علاقة تقدير لمقام الله تعالى من جهة العبد نفسه ، وان من يحب اكثر يقدم اكثر ، ولذا فالبخل مع الله هو بخل في عطاء الله ..
{ وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } الحديد / 7
{ قال : لاقتلنك } اي قول قابيل .
{ قال : انما يتقبل الله من المتقين } وهو قول هابيل الذي اضاف : { لئن بسطت اليّ يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك ، اني اخاف الله ربّ العالمين } المائدة / 28
هذا المشهد الحواري المقتضب يلخص لنا هوية الاخوين وطبيعة كل منهما الفكرية والنفسية .
قابيل حسود ، حقود ، انفعالي ، يحكم غريزته ، ويحاول ان ينفس عن حسده وحقده بقتل اخيه ، وهو الى ذلك جاهل لايعرف ان القبول بيد الله لا بيد اخيه ، فلا ذنب لهابيل بقبول الله لقربانه وعدم قبوله لقربان اخيه . وقد يكون عالما بذلك لكن حسده اعماه فلم يبصر نور الحقيقة .. ويعتبرموقف قابيل هو موقف كل الطغاة الذين لا يفهمون سوى منطق القوة والعنف والقتل والتصفية ، وهو منطق مرفوض لانه يعبر عن حالة حيوانية افتراسية ، ليس لها استعداد للتفاهم والحوار .
اما هابيل فيظهر لنا عارفا بالله ، ومتيقنا ان القبول مشروط بالتقوى ، اي يكون العمل خالصا لله وابتغاء مرضاته ، وهو لا يتعامل بطريقة رد الفعل الاستفزازية ، وانما يحكم عقله ودينه في النظر الى الامور . فهو لمعرفته ان القتل عند الله شنيع لم ينسق الى مقاتلة اخيه .. وهو موقف الخير واللاعنف وارادة السلام مقابل الظلم والفساد والترويع .
- سؤال يحيرني لم يسمي الناس ابنائهم باسم قابيل وهو القاتل وينبذون اسم هابيل الذي يمثل جانب الخير ؟ !